اثنينية “جسفت” للفنون التشكيلية تستضيف الرسام التشكيلي إبراهيم الفصام

الثلاثاء، 1 فبراير 2022م

الجزيرة – سعد المصبح
استضافت جمعية الفنون التشكيلية (جسفت) فى اثنينيتها الأسبوعية (تجربتي) الرسام التشكيلي الأستاذ إبراهيم الفصّام الذي استرجع ذكرياته وحاضره واهتماماته بالجوانب الفنية وإبداعاته مع الريشة والألوان.

وأدار الحوار رئيس مجلس الإدارة بجمعية الفنون التشكيلية د. منال الرويشد وانطلق بالحديث عن البدايات وواصل حتى اكتسب الخبرات ولا زال يحمل الفكر والريشة ومزج الألوان ويقول منذ بدايتي بالرسم بألوان الباستيل في المرحلة الابتدائية كانت الرسومات لا تخرج عن بيوت الطين وعلقت جميع اللوحات على جدران المدرسة مما أعطاني دافعاً قوياً لمواصلة الرسم، وحصلت بعدها على كأس التربية الفنية.

وفن الآثار يتذوقه جميع شرائح المجتمع على اختلاف ثقافاتهم فمثلاً الطبيب والمهندس والعسكري وغيرهم وتقليص الفجوة التي بين الفن التشكيلي والآثار في هذا البلد والتقديم للعالم بأن لدينا ما هو أعمق من الزخارف الشعبية ونحوها وأتيحت لي فرصة المشاركة في بينالي تايبيه عن طريق الرئاسة العامة لرعاية الشباب عام 1422هـ الموافق 2001م وذلك بتقديم عملين بدون تحديد للموضوع للمشاركة بها في هذا البينالي الذي يتم المشاركة فيه من مختلف دول العالم حيث كانت المشاركة مدخلاً مناسباً لطرح ما ذكرت فقمت بتنفيذ عملين أحدهما مستلهم من الزخرفة الشعبية والآخر مستلهم من آثار الجزيرة العربية الأول نفذته بألوان الأكرليك والثاني بالحبر الصيني الأسود مقاس 50 × 70 سم على ورق كانسون أبيض، حيث قمت باقتناء ما استطعت الحصول عليه بالشراء للكتب التي تحتوي على رسومات لآثار الجزيرة العربية للاستلهام منها، لأني وجدت هذه المشاركة فرصة لتقديم هذا الطرح خارجياً في محفل فني عالمي.

وتم اختيار العمل المستوحى من آثار الجزيرة العربية من ضمن أفضل الأعمال المقدمة وأدرج في كتاب يخص ذلك البينالي ويضم أفضل الأعمال المشاركة على مستوى العالم وأرسل لي منه نسخة.

وهذه المشاركة فتحت أمامي باباً واسعاً للنهل من هذه الآثار كعناصر للعمل الفني وتقديمها بشكل جمالي مستفيداً من الخبرة السابقة والمواد الفنية الحديثة والاهتمام ببناء العمل وتصميمه.

وسنحت لي فرصة بأن أكون من ضمن الوفد المرافق للمعرض التشكيلي الخليجي المتجول في الشارقة عام 1415هـ (1994م) وكان من ضمن الضيوف فنان تشكيلي ألماني لا أذكر اسمه، عرض علينا ما يقارب خمسة وثلاثون عملاً تشكيلياً منفذة بألوان الأكريليك، سلايدات من خلال البروجكتور جميعها مستلهمة من قطعة أثرية واحدة فقط! فكيف إذاً بهذا الكم الهائل من القطع الأثرية الموجودة لدينا؟ أنظر إلى العنصر كقيمة (جمالية) وأقوم بعمل اسكتشات لكي أصل إلى التكوين المناسب في تصوري لتقديمه في لوحة محاولاً قدر المستطاع أن يكون عملاً فنياً متكاملاً (أما ما يخص العنصر كقيمة أثرية فهناك المتخصصين لذلك).

ونفذت بعد ذلك عدة لوحات مستلهمة من الآثار وشاركت بعمل من هذا النوع مقاس 3م×160سم ارتفاع، في مسابقة معرض المقتنيات لعام 1424هـ الموافق 2003م السابع عشر وحصلت على الجائزة الأولى للمعرض ويضم المعرض 250 عملاً بمشاركة أكثر من 100 فنان تشكيلي وفنانة ، بعد هذا المعرض سنحت لي فرصة مقابلة أحد المشرفين على المعرض وبارك لي بالفوز بالجائزة الأولى وقال في عرض كلامه بأن له مدة طويلة مقيم ومتابع للحركة التشكيلية في السعودية منذ نشأتها لم يشاهد أي عمل فني تطرق للاستلهام من آثار الجزيرة العربية ! فكان هذا الكلام تأكيداً لما كنت متوقعه، كما ذكر الفنان التشكيلي والناقد المتخصص محرر صفحة الفنون التشكيلية الأستاذ محمد المنيف في الجزيرة الثقافية بتاريخ 1429/6/5هـ الموافق 2008/6/10م من الحقيبة التشكيلية تحقيق بعنوان (أغفلها التشكيليون رغم أهميتها والفصام ينجح في توظيف الرسوم الأثرية في لوحاته) وهذه شهادة أعتز وأثق بها.

وأنتجت عدة لوحات مكـنتني من تقديم معرضي الشخصي الأول الشامل ، و محتوياً على هذا الطرح الجديد والأول من نوعه في الساحة التشكيلية في المملكة العربية السعودية وإمكانيات لم تكن موجودة في السابق.

ووجهت لي الدعوة للمشاركة بعملين فقط في معرض الآثار في عيون الفن الأول الذي تنظمه الجمعية السعودية للدراسات الأثرية بتاريخ 1432/2/1هـ الموافق 2011/1/7م فقدمت لهم سبعة أعمال وطلبت اختيار عملين منها فتم اختيار جميع الأعمال والمشاركة بها وحصل أحد على المركز الأول في المعرض وهذا دليل واضح من المختصين في هذا المجال على قلة الأعمال المستلهمة من الآثار إضافة إلى ما أشعروني به علماً بأن هذا المعرض هو الأول من نوعه.

وقمت بإعداد معرض شخصي مستلهم من آثار حي الطريف قبل تطويره بمدينة الدرعية وذلك بمناسبة اعتماد حي الطريف ضمن قائمة التراث العالمي وانتظرت لأكثر من تسع سنوات لكي اعرضه في الوقت والمكان المناسب، وبحمد الله تم عرضة بحي الطريف بعد تطويره، بداية من تاريخ 1441/2/25هـ حتى 1441/6/20هـ ويعتبر أول معرض للفنون التشكيلية يقام بحي الطريف منذ نشأة الدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة، وكان المتلقي يشاهد في اللوحات كيف كان حي الطريف قبل تطويره ويرى في الواقع بعد تطويره.

وأقيم معرض تشكيلي من قبل (جسفت) عام 1435هـ في مدينة الرياض بعنوان (آثارنا إبداع يعانق الحاضر) شاركت فيه مشاركة شرفية وقدمت خلاله محاضرة عن تجربتي في الاستلهام من آثار الجزيرة العربية.

وبعد كل ما ذكرت رأيت أن أقيس مدى تميز هذا الطرح خارج المملكة العربية السعودية فقمت بعمل 22 لوحة تشكيلية من الحجم المتوسط والكبير مستوحاة من آثار دولة الكويت كالأختام والعملات والخزفيات قدمتها بمعرض شخصي في دولة الكويت برعاية المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وهو المعرض الشخصي الثالث ، وتم افتتاحه في 1436/12/28هـ الموافق 2015/10/11م حيث وجدت منهم كل الرعاية والاستضافة على أفضل مستوى (والإشارة إلى الإعجاب الشديد بالتميز في الطرح وأنه لم يحصل أن سبق وقدم معرض تشكيلي بهذا المحتوى) وبالإمكان الاطلاع على تفاصيل أكثر على موقعي الخاص.

وطوال تلك الفترة التي تجاوزت الخمس عشرة سنة، تكون عندي مجموعة من اللوحات عن هذه التجربة التي (انتقيت) منها 84 لوحة تحكي تسلسل تجربتي قدمتها في معرض تشكيلي بمركز الملك فهد الثقافي 1438/4/20 هـ الموافق 2017/1/18م وهو المعرض الرابع، ليكون رابطاً بين الآثار وما فيها من جماليات والثقافة والفنون وجميع شرائح المجتمع، وأن الآثار ذات البعد العميق ليست مقتصرة على وجودها في المتاحف فقط بل من الممكن أن تكون مصدراً للاستلهام من جمالياتها وتقديمها بأسلوب وطريقة حديثة. هذه التجربة الجديدة في مجتمعنا حرصت فيها طوال تلك الفترة بأن تكون مبنية على خطة، ذات خطوات عملية منفذة لتحقيق الهدف المنشود منها بتوفيق الله، علماً بأن هذا المجال يتميز باستمرار الاكتشافات الأثرية فيه مما يؤكد على وجود نبع أثري لا ينضب للاستلهام منه.

وبعد هذه التجربة الخاصة بالاستلهام من آثار الجزيرة العربية رأيت أن (أربطها) مع التراث القريب وما فيه من جماليات تتضح في الزخارف الشعبية الموجودة على الجدران والاقمشة والسدو والاواني وغيرها وتقديمها في لوحات تشكيلية برؤية فنية مبنية على الجمع بينهما.

وبدأت في هذا المشروع مع بداية عام 1439هـ حيث نفذت عدت لوحات تشكيلة جوهر محتواها (الربط) ما بين التراث والآثار وتجسيد اللوحتين السابقتين التي قدمتها عام 1422هـ إلى بينالي تايبيه سابقاً في لوحة واحدة.